عزيزي الزائر أهلا وسهلا بك في- كورة نيوز نقدم لكم اليوم كيف تؤثر تقلبات أسعار النفط العالمية على أثمان المحروقات في المغرب؟ - كورة نيوز
بعد أن واصلت أسعار النفط على المستوى العالمي البصم على منحى تراجعي، متأثرة بعوامل عديدة؛ أبرزها الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على عدد من دول العالم، لتصل إلى 60 دولارا للبرميل، جددّت الجامعة المغربية لحقوق المستهلك التعبير عن “استغرابها من ارتفاع ثمن المحروقات وطنيا، رغم تراجعه دوليا”.
وأكدّت الجامعة، في بلاغ توصّلت به جريدة هسبريس الإلكترونية، على “ضرورة السهر على حسن تطبيق قانون حرية الأسعار والمنافسة، تفاديا لفوضى الأسعار، وضمان حماية حقوق المستهلك من التقلبات المريبة ومن جشع المضاربين والوسطاء ومن كافة أشكال الاحتكار اللامشروع”.
وطالب حماة المستهلك بـ”ضمان شفافية سوق المحروقات، والحرص على توازن العلاقة بين المورد والمستهلك في هذا القطاع من خلال الاحتكام إلى الأسعار الدولية وقواعد العرض والطلب وضوابط المنافسة الحرة المشروعة تفاديا للتحكم في تشكيل الأسعار بأساليب تلحق الضرر بمصالح المستهلك”.
كما شددت الجامعة المغربية لحقوق المستهلك على الحاجة إلى “تحيين القوانين وتحسين الإطار المؤسسي في قطاع المحروقات؛ بهدف تحقيق الحكامة الجيدة ومحاربة كافة الممارسات التجارية اللامشروعة أو الكفيلة بإلحاق الضرر بالاقتصاد الوطني وبالمصالح الاقتصادية والاجتماعية لعموم المستهلكين المغاربة”.
ووصلت أسعار العقود الآجلة في خام برنت إلى 62.99 دولارا للبرميل الواحد، بينما بلغت أسعار العقود الآجلة لخام غرب تكساس 59.72 دولارا، وسط توقع “بنك الاستثمار الأمريكي “غولدمان ساكس غروب” إمكانية تراجع سعر خام برنت، المعيار العالمي للنفط، إلى أقل من 40 دولارًا للبرميل”، وفقا لوكالة فرانس برس.
مفارقة مرفوضة
ووضّح بوعزة الخراطي، رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك، أن “انخفاض الأسعار عالميا يرافقه دائما ارتياح في ما يتعلّق بمؤشرات الاقتصاد الوطني؛ غير أنه لا ينعكس على مستوى القدرة الشرائية للمواطن، التي تدهورت بشكل كبير”، مشددا على أن “المستهلكين المغاربة يجب أن يستفيدوا من الانخفاض الحاصل حاليا في أسعار النفط”.
واستحضر الخراطي، ضمن تصريح لهسبريس، “وصول سعر البرميل الواحد من النفط إلى 60 دولارا، على أن ثمن المحروقات المُكرّرة التي يشتريها المغرب سوف تكون مرتفعة نسبيا عن هذا المستوى، بطبيعة الحال”، مستدركا: “رغم ذلك تبقى الأسعار التي يتم بها تسويق الغازوال والبنزين للمستهلكين المغاربة بعيدة عن مستوياتها في السوق العالمية”.
وأفاد المتحدّث نفسه بأن “الظرفية تختبر مدى صدقية اعتبار الحكومة نفسها اجتماعية، حيث يجب أن تتدخل عندما تنزل الأسعار على المستوى الدولي”.
ولدى لفت هسبريس إلى أن الموزعين المغاربة يتوفّرون غالبا على مخزون ثلاثة أشهر، تساءل الخراطي عن “السبب وراء لجوئهم إلى رفع الأسعار وطنيا، فور تسجيل أية زيادة فيها عالميا”، معتبرا أن “هذا التناقض هو جوهر المشكل”، ومشددا على أن “المخزون يجب أن يستحضر سواء في الاقتناء أو البيع”. وزاد: “لذلك، يجب عليهم أن يترّيثوا عند وجود زيادات عالمية إلى حين انقضاء المخزون المتوفّر قبل تسجيلها”.
وبشأن طبيعة الإجراءات التي يتعيّن على الحكومة اتخاذها، استحضر الفاعل المدني أن “المواد الحرة يحدد سعرها بناء على دينامية العرض والطلب؛ ولكن عند وصولها إلى مستوى فاحش يجوز للحكومة التدخل، لا سيما من خلال التحديد الوارد في المادة 4 من قانون حرية الأسعار والمنافسة”، مؤكدا أن “هامش الربح لدى الموزعين أصبح كبيرا، بعد انخفاض أثمان المحروقات عالميا”.
بالمقابل، استحضر رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك “اقتطاع الحكومة ضرائب بقيمة 43 في المائة من سعر بيع المحروقات؛ ما يعني أن الدولة بدورها تراكم مداخيل على حساب المستهلك المغربي، رغم انخفاض الأسعار العالمية”، مشددا على أنه “في نهاية المطاف، يبقى تدخل الحكومة لازما سواء بالمادة المذكورة، أو بدونها”.
عوامل مفسّرة
شرح عبد الصمد مالاوي، أستاذ جامعي خبير دولي في المجال الطاقي، أن “العوامل التي دفعت بشكل مباشر إلى انخفاض أسعار النفط عالميا بهذه الحدة ثلاثة”، مفيدا بأنه “على رأسها ارتفاع المخاوف من التباطؤ الاقتصادي العالمي لدى كثير من الدول والمؤسسات والشركات المؤثرة الاقتصاد الدولي بسبب التوترات الجمركية بعد الرسوم الجمركية التي فرضها دونالد ترامب على عدد من الدول”.
أما العامل الثاني، أضاف مالاوي، ضمن تصريح لهسبريس، “فيتمثل في رفع بعض الدول المنتجة مستوى إنتاجها من المواد النفطية مقارنة بالكميات المعهودة؛ ضمنها الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا”، مشددا على أن “زيادة الإنتاج من الجانب الأمريكي أمر مقصود، حيث يراهن على هذه الخطوة لتقليص نسبة التضخم التي تشهدها هذه الدولة”.
وأكمل الأستاذ الجامعي نفسه بأن العامل الثالث “يتجسد في تباطؤ الطلب من لدن دول عديدة مستهلكة للبترول والمواد النفطية بصفة عامة كالصين والهند ومجموعة من الدول الصاعدة التي تستورد من السوق الدولية كميات كبيرة من النفط”.
وأكدّ مالاوي أنه “رغم الانخفاض التاريخي والملاحظ لأسعار النفط على المستوى العالمي، لم يسجّل هذه المرة كذلك انعكاسه بشكل فوري وكبير على السوق الوطنية”، مُوضحا أن “ثلاثة أسباب تقف وراء هذه المفارقة؛ يتقدمها ما يسمى “بتأخر الانعكاس الزمني”، حيث إن مخزون المنتجات البترولية الذي يباع اليوم مثلا في المغرب يتم شراؤه قبل أسابيع بل وأحيانا قبل أشهر، وقد تكون الأسعار حينها في مستوى عال”.
وأورد الخبير في المجال الطاقي أن “العامل الثالث يتمثل في تركيبة السعر المحلي للمحروقات بالمغرب”؛ حيث إن سعر “المشتقات النفطية، من بنزين وغازوال وغاز طبيعي، لا يتحكم فيه سعر النفط الخام فقط؛ بل كذلك عناصر وتكاليف أخرى مثل سعر شراء الخام وتكلفة التكرير فضلا عن النقل والتخزين والضرائب والرسوم الجمركية، فضلا عن هامش الربح”.
وتابع المتحدث نفسه بأن “سعر كل مكون من هذه المكونات يبقى ثابتا رغم تغير سعر البيع والشراء على المستوى الدولي”، مُعرّجا على العامل الثالث المتمثّل في “غياب التسقيف والتدخل الحكومي المباشر. فكما هو معلوم، منذ تحرير أسعار المحروقات سنة 2015، أصبحت الشركات تحدد الأسعار حسب المكونات المذكورة؛ وهو ما يفتح المجال لاختلافات في الأثمان فيما بينها”.
0 تعليق