عزيزي الزائر أهلا وسهلا بك في- كورة نيوز نقدم لكم اليوم هل تكبح الأحكام القضائية المشددة جماح الشبكات الإجرامية في المغرب؟ - كورة نيوز
“عصابة إجرامية”، “اختطاف واحتجاز”، “هجرة سرية”، و”طلب فدية”، عبارات وكلمات تحيل على جرائم خطيرة لم يعهدها المجتمع المغربي من قبل، وبدأت تجد لنفسها موطئ قدم في مدينة مثل طنجة، التي تمثل تاريخيا سوقا “مربحة” تركز شبكات الهجرة السرية عملها فيها، باعتبارها نقطة جذب كبيرة للحالمين بـ”الفردوس” الأوروبي.
وأصدرت غرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف بمدينة طنجة، الليلة الماضية، حكما أدانت فيه بالسجن النافذ 7 أشخاص، شكلوا عصابة إجرامية كانت تستدرج ضحاياها في إحدى غابات عروس الشمال لتسلب منهم المال أو تحتجزهم وطلب فدية من عائلاتهم قبل إطلاق سراحهم، في محاكاة لما نسمع عنه من جرائم في دول أمريكا اللاتينية.
القضاء وزع 110 سنوات على الأشخاص المدانين في الجرائم التي ارتكبوها في حق عدد من الضحايا القادمين إلى طنجة من مدن ومناطق مختلفة، بحثا عن فرصة للعبور إلى الضفة الأخرى، قبل أن يجدوا أنفسهم في قبضة عصابة لا ترحم، إذ تلقى الرأي العام هذه الأحكام بترحيب على أمل أن تشكل عنصر ردع للظاهرة التي تؤرق بال الكثير من المؤسسات وفعاليات المجتمع.
في تعليقه على الموضوع، نبّه إحسان الحافظي، الخبير في مجال الأمن ومكافحة الجريمة، إلى أن هذا النوع من الجرائم، مثل الاحتجاز والاختطاف والمطالبة بفدية، “من الجرائم الجديدة على المجتمع المغربي”.
واعتبر الحافيظي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن التوجه في العمل القضائي نحو إصدار عقوبات مشددة في هذا النوع من الجرائم هو “محاولة للقطع مع الظاهرة أو منع انتشارها وتطورها”، مبرزا أن الأمر لا يتعلق بالجرائم التي تعود عليها المجتمع والتي أصبحت جزءا من سلوكيات بعض الجانحين؛ بل بجريمة تتطلب تكوين عصابات وتخطيط مسبق ثم يعني استدراج.
وزاد الخبير ذاته مبينا أن تجميع العناصر التكوينية للجريمة غير التقليدية يجعلنا أمام نوع حديث من الجرائم، “خاصة ما يتعلق بطلب الفدية؛ وهو في تقديري ما يبرر حجم العقوبة أو عدد السنوات التي وزعها القضاء في هذه النازلة”.
وجدد الحافيظي التأكيد على أن وظيفة القضاء ومن خلاله المشرع الجنائي هي “منع بعض الظواهر الإجرامية من الانتشار على مستويين؛ يتمثل الأول في تطويق الظواهر الإجرامية المنتشرة، والثاني في منع ظهور ظواهر إجرامية جديدة وطارئة على المجتمع المغربي”.
وسجل المتحدث ذاته أن المغرب، باعتباره بلد عبور لتدفقات الهجرة القادمة من الساحل وإفريقيا عموما، يشجع على “انتشار أو على ظهور مثل هذه الجرائم؛ لأننا في البداية كنا نتحدث عن الهجرة السرية، وبعد ذلك ظهرت بعض العناصر التكوينية لجريمة أكثر من جرائم الهجرة السرية، وهي حينما يتعلق الأمر باحتجاز الناس، فانتقلنا إلى مستوى ثان يرقى إلى التجارة في البشر”.
وأشار الحافيظي إلى أن المرحلة الثالثة في تطور هذه الجرائم هي الأكثر خطورة؛ وهي “استدراج واحتجاز المرشحين للهجرة وطلب الفدية. إذن، هناك تطور لهذه الجرائم المرتبطة بالهجرة عموما من الهجرة السرية إلى الاتجار بالبشر إلى احتجاز وطلب الفدية. وبالتالي، فموقع المغرب كبلد عبور نحو أوروبا سيشكل دائما عاملا لتطور هذا النوع من الجرائم”.
من جهته، أفاد رضوان الطير، محام بهيئة المحامين بطنجة، بأن الأحكام المشددة يتحقق بها الردع العام والخاص؛ لأنه يتم الإخبار والإعلام بها المجتمع بأن عصابة ما تستغل مجموعة من البسطاء والسذج.
وأضاف الطير، موضحا ضمن تصريح لهسبريس، أن المقاربة الأمنية من خلال مجهودات مختلف الأجهزة الأمنية والسلطات العمومية في متابعة الظاهرة مهمة، خصوصا أن مدينة طنجة هي محطة عبور والظاهرة متركزة فيها.
واستدرك المحامي ذاته قائلا: “رغم أهمية المقاربة الأمنية والقضائية؛ فإن الأمر يتطلب التوعية بمخاطر الهجرة السرية، خاصة على مستوى المناطق التي يتحدر منها الضحايا”، مبرزا أن القاسم المشترك بين هؤلاء الضحايا انتماؤهم إلى المناطق والمدن نفسها التي يغلب عليها الطابع الريفي.
وشدد الطير على أهمية تضافر جهود المجتمع المدني والسلطات من أجل توعية هذه الفئة من المغرر بهم، وتحذيرهم من هذه الشبكات التي تنصب شراكها في وسائل التواصل الاجتماعي والمجال الرقمي، فضلا عن التواجد والعمل الميداني.
ودعا المتحدث ذاته إلى الرفع من درجات اليقظة والتعامل الحازم مع الظاهرة التي بدأت تأخذ أشكالا جديدة في السنوات الأخيرة، واعتماد الاختطاف والاحتجاز وطلب الفدية من أقارب الضحايا؛ وهي تطورات خطيرة على مستوى الجريمة ينبغي التصدي لها ومواجهتها.
0 تعليق