اختبار الحلفاء - كورة نيوز

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
اختبار الحلفاء - كورة نيوز, اليوم الجمعة 27 يونيو 2025 04:33 مساءً

لم تعد الحرب تُخاض فقط في الميدان؛ أحيانًا تبدأ بالإشارة، أو تُفهم من الصمت. وفي المواجهة الأخيرة بين إيران وإسرائيل، تجاوز التصعيد حدود النيران ليطال خريطة التحالفات الدولية. ضربة إسرائيلية مركّزة أصابت قلب طهران، وأسقطت نخبة من علمائها ومسؤوليها الأمنيين، في عملية بدت أكثر من مجرد اغتيال. ردّت إيران بصواريخ ومسيّرات استهدفت العمق الإسرائيلي، لتعلن أن زمن الحرب بالوكالة قد انقضى. لكن التصعيد بلغ ذروته حين أعلن الرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب أن الطائرات الأمريكية الشبح نفذت هجومًا جويًا على ثلاث منشآت نووية إيرانية: فوردو، نطنز، وأصفهان، مستخدمة حمولة كاملة من القنابل الدقيقة. قال ترامب: "لا جيش في العالم يمكنه فعل ما فعلناه اليوم"، في لحظة بدت وكأنها بيان سياسي لا يقل وقعًا عن الضربة نفسها.

 

في طهران، اتهم وزير الخارجية عباس عراقجي الولايات المتحدة بخرق ميثاق الأمم المتحدة، وانتهاك القانون الدولي ومعاهدة عدم الانتشار النووي، مؤكدًا أن إيران تحتفظ بكامل خيارات الرد. لكن ما لفت الأنظار لم يكن الرد الإيراني فحسب، بل صمت الحلفاء. روسيا، التي نالت من إيران دعمًا عسكريًا فعّالًا في حربها ضد أوكرانيا، اكتفت بإدانة الضربات الإسرائيلية والأمريكية، ووصفت التصعيد بالخطير، دون أن تتخذ موقفًا نوعيًا أو استثنائيًا. الصين بدورها نددت بالهجوم، ودعت إلى التهدئة، دون تحميل طرف بعينه المسؤولية. هكذا، بدا أن موسكو وبكين اختارتا التزام التوازن، حتى في لحظة لم يكن الحياد فيها يُغتفر أمام استهداف نووي مباشر.

 

أما الولايات المتحدة، فقد تصرّفت كما يفعل الحليف الملتزم: دافعت، ثم هاجمت، ثم أعلنت صراحة أن أمن إسرائيل خط أحمر. لم يكن تدخلها مجرد دعم، بل مشاركة كاملة في القرار والتنفيذ. في المقابل، لم تجد إيران من شركائها الاستراتيجيين سوى بيانات متحفظة، لا ترتقي إلى مستوى الحدث. لم تكن تنتظر تدخلًا عسكريًا، لكنها كانت تتوقع موقفًا سياسيًا واضحًا، يوازي ما قدّمته لهم في أوقات الأزمات. لكن حين احتاجت إلى الظهير، تبيّن أن التحالفات التي بُنيت في وقت الرخاء، لم تُختبر بعد في زمن الخطر.

 

خرجت إسرائيل من الجولة مطمئنة إلى سندها الأمريكي، بينما خرجت إيران محمّلة بواقع جديد: لا حلفاء في ساعة الحقيقة. كانت الضربة موجهة إلى منشآتها النووية، لكنها أصابت ما هو أعمق: ثقتها في منظومة دعمها الدولي. لم تكن الخسارة في البنية التحتية فقط، بل في المعنى السياسي للعلاقات العابرة للقارات. ففي العلاقات الدولية، لا تُقاس الشراكة بكثرة البيانات، بل بمن يشاركك كلفة القرار. ومن لا يقول "أنا معك" حين تُقصف منشآتك، لن يقولها حين تُحاصر في مجلس الأمن. وحدها المواقف التي تُقال تحت النار، تُحفر في ذاكرة الدول.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق