إيران تتصلّب وواشنطن تراوغ.. هل تعود لغة التفاوض؟ - كورة نيوز

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
إيران تتصلّب وواشنطن تراوغ.. هل تعود لغة التفاوض؟ - كورة نيوز, اليوم الجمعة 27 يونيو 2025 09:15 مساءً

فقد اختار المرشد الإيراني علي خامنئي كلماته بعناية في أول ظهور علني له بعد الضربات، مؤكدا أن إيران "انتصرت على إسرائيل ووجهت صفعة قوية لأميركا"، رافضًا الاعتراف بفعالية الضربات العسكرية، ومكررا موقفًا متشدّدا برفض "الاستسلام" للولايات المتحدة. تصريح وصفه البيت الأبيض بأنه محاولة "لحفظ ماء الوجه".

خطاب خامنئي

اعتبر محلل الشؤون الأميركية في سكاي نيوز عربية موفق حرب خلال حديثه إلى غرفة الأخبار، أن تصريحات خامنئي موجهة للاستهلاك المحلي بالدرجة الأولى، هدفها ترميم صورة القيادة بعد الضربات القاسية.

وأوضح أن المرشد ظلّ متواريا خلال الحرب لأسباب أمنية، وظهر بعد وقف إطلاق النار لإعادة ضبط السردية.

ورغم الخسائر الكبيرة، فإن خامنئي استخدم تعبير "الانتصار" بمعايير تختلف عن المفهوم الغربي، كما قال حرب. فإيران، بحسب رؤيته، تراهن على غموض وضع منشآتها النووية، بما في ذلك احتمال وجود منشآت سرية تُصعّب على الاستخبارات الغربية تأكيد نجاح الضربات.

ويضيف حرب أن تقييم إيران للضربات وتأثيرها على بنية النظام السياسي والعسكري سيكون عنصرًا حاسمًا في قرارها بالعودة إلى المفاوضات، خصوصًا أن الهجوم على منشآت نووية كان بمثابة "ضربة هيبة" للنظام، دفعت طهران إلى محاولة استعادة زمام المبادرة بتصعيد لغتها الخطابية.

دبلوماسية عراقجي

حرص وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي على تقديم خطاب متوازن، إذ قال إن بلاده ستُقيّم إذا ما كانت المحادثات مع واشنطن تصبّ في مصلحتها، مشيرًا إلى أنه لا يوجد تفاهم حالي بشأن جولة جديدة من المحادثات.

لكنه فتح الباب أمام مرونة مستقبلية بقوله: "المفاوضات يمكن أن تكون مع معتدٍ كما مع صديق"، مؤكدًا أن المصالح الإيرانية وحدها تحدد المشاركة. وأوضح أن طهران لم تنسحب من طاولة التفاوض، لكنها تنتظر شروطًا أكثر إنصافًا.

وتأتي تصريحاته بالتزامن مع ما كشفته شبكة "سي إن إن" عن مناقشات داخل إدارة ترامب تتعلق بتخفيف العقوبات عن طهران، بما في ذلك الإفراج عن أموال مجمّدة ومساعدة إيران في بناء برنامج نووي مدني للطاقة، ضمن جهود لإعادتها إلى طاولة المفاوضات.

استراتيجيات ما بعد الضربة

يرى الخبير في الشؤون السياسية والعسكرية الدكتور مهند العزاوي أن إيران لا تنظر إلى الانتصار بمقاييس غربية. فبقاء النظام السياسي وصموده يعتبر إنجازًا بحد ذاته في الثقافة السياسية الإيرانية. وأكد أن الإنجاز في نظر الإيرانيين هو نسبي، فقد يتكبدون الخسائر لكنهم يحتفظون بهيكلية القيادة وعمقهم الاستراتيجي.

ويضيف العزاوي أن إيران قد طورت مفاعلات بديلة وربما سرية، ما يدل على مرونتها وقدرتها على المناورة. ورأى أن الضربة الأخيرة ستُوظف لتعزيز موقفها التفاوضي لا لإضعافه، لافتًا إلى أن المرونة الإيرانية قد تظهر في ملفات أقل أولوية كالنشاطات الخارجية.

ويشير إلى أن طهران قد تُعيد رسم استراتيجيتها الإقليمية لتقليص الاعتماد على الوكلاء الخارجيين، إذا تبين أن كلفتهم تتجاوز مكاسبهم الاستراتيجية، في ظل الضربات العسكرية الإسرائيلية والأمريكية الأخيرة.

رواية واشنطن

قدم الباحث في مؤسسة هيريتيج نايل غاردنر قراءة مغايرة، إذ اعتبر أن النظام الإيراني "تم إذلاله"، وأن ما يصدر من تصريحات هو إنكار للواقع. وأكد أن الولايات المتحدة تسيطر تمامًا على المجال الجوي الإيراني، وأن أي تصعيد إيراني سيُقابل برد عسكري كاسح.

وأشار غاردنر إلى أن الضربات ضد المنشآت النووية الإيرانية كانت ناجحة، وأن واشنطن ستواصل الضربات إذا تبين أن البرنامج لا يزال يعمل. وأضاف أن  ترامب مستعد لاستخدام "أي قوة ضرورية" لإنهاء البرنامج النووي بالكامل.

وأوضح أن إدارة ترامب لا تثق في النظام الإيراني، وتعتقد أن البرنامج قد تأخر لسنوات، لكن لا تزال هناك حاجة لضمانات إضافية، وربما عمليات عسكرية جديدة.

قراءة من طهران: صدقيان يدافع عن قدرات إيران

من الجانب الإيراني، قدّم المحلل الخاص سكاي نيوز عربي الدكتور محمد صالح صدقيان رؤية مغايرة، مؤكدًا أن إيران لم تُهزم، وأن لديها قدرات كبيرة على الترميم. وأشار إلى أن تصريح خامنئي حول عدم تدمير منشأة فوردو بالكامل يدل على امتلاكه معلومات دقيقة، تتجاوز ما هو متاح حتى للوكالة الدولية للطاقة الذرية.

وأوضح صدقيان أن إيران تمتلك آلاف العلماء والمهندسين القادرين على إصلاح الأضرار، مشيرًا إلى أن أجهزة الطرد المركزي والمواد المخصبة قد نُقلت إلى أماكن آمنة قبيل الضربة.

وانتقد أداء الوكالة الدولية للطاقة الذرية، معتبرًا أنها فقدت حيادها، خصوصًا في ظل اعتمادها على مصادر استخباراتية غير مؤكدة، ما وفر ذريعة للدول الغربية لاتخاذ إجراءات عقابية. ولفت إلى أن إيران لن تسمح بعودة المفتشين دون ضمانات واضحة.

مفاوضات مشروطة

رغم الخطابات النارية، تشير المؤشرات إلى استمرار قنوات التواصل بين طهران وواشنطن، سواء عبر وسطاء كسلطنة عُمان وقطر، أو من خلال مفاوضات غير مباشرة بين عباس عراقجي والمبعوث الأميركي ستيف ويتكوف.

ويرى موفق حرب أن وقف إطلاق النار لا يُفهم إلا في سياق تفاوضي، مشيرًا إلى أن الولايات المتحدة لم تكن لتطلب من إسرائيل وقف ضرباتها لولا وجود ضمانات بفتح مسار سياسي.

ويضيف أن طهران تسعى لتحسين موقعها التفاوضي قبل الجلوس إلى الطاولة. لكن التباين في الأولويات يبقى التحدي الأكبر. فبينما تطالب إيران برفع العقوبات والاعتراف بحقها في برنامج نووي مدني، تصرّ واشنطن على تفكيك البنية التحتية النووية، ووقف دعم الجماعات المسلحة الإقليمية.

الشروط المتبادلة

يطرح العزاوي ثلاثة محددات رئيسية في النظرة الأميركية لإيران: الملف النووي، البرنامج الصاروخي، ودعم الجماعات المسلحة.

ويؤكد أن طهران تعتبر البرنامج الصاروخي ذراعها الأقوى، وهو ما أثبت فعاليته في الحرب الأخيرة.

ويرى أن إيران قد تُبدي مرونة في ملفات ثانوية، لكنها لن تتخلى عن عناصر قوتها الجوهرية. أما غاردنر، فيرى أن إيران ليست في موقع يخولها لتقديم شروط، وأن الولايات المتحدة تملك زمام المبادرة، وستواصل الضغط حتى يتم نزع السلاح النووي بالكامل.

وفي الوقت ذاته، يشير صدقيان إلى أن إيران لا تزال تحتفظ بأوراق تفاوضية مهمة، أبرزها كمية كبيرة من اليورانيوم المخصب بنسبة 60%، ما يجعل من الصعب تجاوزها في أي صفقة.

مستقبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية

أحد أبرز تداعيات الحرب هو قرار مجلس صيانة الدستور الإيراني تعليق التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، في خطوة تُنذر بتصعيد قانوني ودبلوماسي جديد.

صدقيان اعتبر أن الوكالة فقدت حيادها، خصوصًا بعد أن استندت تقاريرها إلى معلومات مشكوك فيها، ما يعكس تسييسًا متزايدًا للدور الرقابي. في المقابل، يرى غاردنر أن طهران لم تكن شفافة يومًا، وأن منع دخول المفتشين دليل على النوايا العسكرية الكامنة في البرنامج.

الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ألمح إلى إمكانية استئناف المحادثات خلال الأسبوع المقبل، وهو تصريح قابله عراقجي بالنفي، مؤكدًا أن المفاوضات يجب أن تُبنى على أسس جديدة بعد الحرب.

ويبدو أن طهران تُدير المرحلة القادمة بمنطق "لا استسلام، ولا قطيعة"، مع سعيها لتعزيز موقعها التفاوضي عبر تأخير الموافقة على العودة للجلوس مع الأميركيين. في المقابل، تصرّ واشنطن على إجراءات ملموسة قبل تقديم أي حوافز.

ما بعد الحرب

إذا كانت الحرب قد وضعت حدا للمواجهة العسكرية، فإن تداعياتها السياسية لا تزال تتفاعل بقوة. وبين تشدد خامنئي، ومناورة عراقجي، وتلويح ترامب بالقوة، يبدو أن طاولة المفاوضات باتت قريبة أكثر من أي وقت مضى، لكنها مشروطة بشروط جديدة ومعادلات أعقد.

وفي هذا السياق، يُتوقع أن تستمر لعبة عضّ الأصابع، بانتظار من يصرخ أولاً. لكن المؤكد أن لا طهران مستعدة للاستسلام، ولا واشنطن ستقبل باتفاق يُبقي التهديد النووي قائمًا.

وهكذا، فإن الأسابيع القادمة ستكون حاسمة، سواء لاستئناف المسار التفاوضي أو لموجة جديدة من التصعيد، في مشهد لا يزال مفتوحًا على كل السيناريوهات.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق