أطلقت دراسة دولية حديثة تحذيرًا شديد اللهجة بشأن التداعيات الكارثية لتقليص التمويل المخصص للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID)، محذّرة من أن هذه الخطوة قد تتسبب في وفاة أكثر من 14 مليون شخص إضافي في الدول النامية بحلول عام 2030، بينهم أكثر من 4.5 مليون طفل دون سن الخامسة.

وأشارت الدراسة، التي شارك في إعدادها باحثون من معاهد وجامعات رائدة منها جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس، ومعهد برشلونة للصحة العالمية، إلى أن القرارات الأخيرة بخفض المساعدات الخارجية، بقيادة وزارة "كفاءة الحكومة" التي أسسها إيلون ماسك، قد تُجهض عقودًا من التقدم الصحي والإنساني في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل.

وتُعد الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية أحد أبرز أذرع المساعدات الإنسانية والصحية في العالم، حيث ساهمت برامجها منذ عام 2001 في تجنّب ما يُقدّر بـ91 مليون حالة وفاة في تلك الدول. ويشمل هذا الدعم جهود مكافحة الأمراض المعدية، مثل الملاريا والإيدز، من خلال مبادرات حيوية أبرزها "خطة الرئيس الطارئة للإغاثة من الإيدز" (PEPFAR)، التي لعبت دورًا محوريًا في الحد من انتقال فيروس HIV من الأمهات إلى أطفالهن.

واعتمدت الدراسة على نماذج تحليلية وإحصائية متقدمة لرصد التأثيرات التاريخية والسيناريوهات المستقبلية، حيث كشفت أن الدول التي حصلت على تمويل كبير من USAID سجّلت انخفاضًا في وفيات الأطفال بنسبة 32%، ووفيات الإيدز بنسبة 74%، والملاريا 53%، والأمراض المدارية المهملة 51%، مقارنة بالدول ذات التمويل المحدود.

لكن مع التقليص الجاري للتمويل، تتوقع الدراسة أن تعود منحنيات الوفيات للارتفاع، مما يُهدد بفقدان مكاسب تنموية وصحية بُنيت على مدار عقدين. ويحذر الباحثون من "تأثير الدومينو"، حيث قد يدفع تراجع المساهمة الأمريكية - التي تمثل نحو 40% من إجمالي التمويل الإنساني العالمي - جهات مانحة أخرى مثل الاتحاد الأوروبي إلى تقليص مساعداتها أيضًا.

ولفت التقرير إلى أن المواطن الأمريكي يساهم بما لا يتجاوز 64 دولارًا سنويًا في هذه البرامج، وهي تكلفة ضئيلة مقارنة بالأثر الكبير في إنقاذ الأرواح وتعزيز الاستقرار في الدول الأكثر هشاشة.

وأكد الدكتور كيران باتيل، أحد معدّي الدراسة، أن "التراجع عن التزامات التمويل التنموي لا يُعد مجرد قرار مالي، بل يحمل تبعات إنسانية قد تغيّر مسار حياة الملايين"، داعيًا إلى تحرك دولي عاجل للحفاظ على المكتسبات الصحية والإنمائية التي تحققت.

وتُعد هذه الدراسة أول تقييم شامل للعلاقة بين حجم تمويل الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية ومعدلات الوفيات في الدول الفقيرة، وتشير إلى أن السيناريوهات المتوقعة يمكن أن تتغير بناءً على استجابة الحكومات والمنظمات الدولية خلال السنوات المقبلة.

للمزيد تابع خليجيون نيوز على: فيسبوك | إكس | يوتيوب | إنستغرام | تيك توك