ليست مجرد أسطوانة معدنية تقبع في ركن المطبخ، بل هي شاهد حيّ على نبض الاقتصاد المصري، وأنبوبة الغاز، هذا الجسم الصغير، بات يعكس واقعًا يتقاطع فيه الدعم الحكومي مع آليات السوق الحرة، حيث تلعب الأسعار لعبتها المعقدة، ويقف المواطن في المنتصف يحاول أن يوازن بين احتياجاته اليومية وجيبه الذي لا يتّسع للمفاجآت.

أسعار أنابيب الغاز في مصر

في الوقت الذي أعلنت فيه الجهات المعنية عن استقرار الأسعار الرسمية لأنابيب الغاز، تشهد الأسواق المصرية تفاوتًا ملحوظًا بين السعر المُعلن وسعر البيع الفعلي، ما يعكس فجوة متزايدة بين الواقع الحكومي وواقع المواطن.

استقرار رسمي وسوق يشتعل بالتفاوت

فقد ثبت سعر الأنبوبة المنزلية سعة 12.5 كجم داخل المستودعات الرسمية عند 200 جنيه، بينما تجاوز هذا الحد في الأسواق الحرة ليصل إلى 230 جنيهًا في بعض المناطق، وفقًا لتكاليف النقل وتفاوت أماكن التوزيع. 

أما الأنبوبة التجارية ذات الـ25 كجم، فتتراوح أسعارها بين 350 و400 جنيه، في حين بلغت الأسطوانة الصناعية المستخدمة في المنشآت الكبرى سقفًا يقترب من 12 ألف جنيه.

ويعود هذا التفاوت إلى عدة أسباب، منها ارتفاع أسعار الوقود عالميًا، وزيادة تكاليف الشحن الداخلي، والتأثير المباشر لتذبذب سعر صرف الجنيه، مما رفع بدوره تكلفة الاستيراد ومستلزمات الإنتاج.

وعلى الرغم من محاولات الدولة المستمرة للإبقاء على الدعم وتوفيره للفئات المستحقة، تبقى الضغوط الاقتصادية ماثلة، حيث يُعد المواطن البسيط هو الأكثر تأثرًا، خاصة في ظل محدودية الدخل، ما يدفع الكثيرين إلى اللجوء إلى أساليب تقشفية أو البحث عن مصادر بديلة للطاقة.

توسيع شبكة الغاز الطبيعي لتشمل مختلف المناطق

ورغم الخطط الحكومية الرامية إلى توسيع شبكة الغاز الطبيعي لتشمل مختلف المناطق، إلا أن أسطوانة البوتاجاز تظل الخيار الأول في كثير من المناطق الريفية والعشوائية، بسبب سهولة استخدامها وتوافرها، ما يجعلها عنصرًا لا غنى عنه في الحياة اليومية.

ولم تقتصر أهميتها على الاستخدامات المنزلية فقط، بل تشكّل عنصرًا حيويًا للمشروعات الصغيرة والمحال التجارية، نظرًا لتكلفتها المقبولة وسهولة تخزينها، لا سيما في ظل التطوير المستمر الذي شهدته على مستوى الأمان والسلامة.

وبين محاولات الإصلاح الاقتصادي وتحديث منظومة الطاقة، تواصل أنبوبة الغاز لعب دورها المركزي، لا كوسيلة للطهي فقط، بل كترمومتر حقيقي لقياس الضغوط المعيشية في مصر، وسط سوق يتغير كل يوم، ومواطن يحاول أن يلتقط أنفاسه في معركة لا تنتهي.