نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
سباق المراكز المالية.. من يقود مستقبل العملات المشفرة؟ - كورة نيوز, اليوم الجمعة 27 يونيو 2025 09:40 صباحاً
وفي ظل تراجع الثقة بعد انهيارات كبرى طالت شركات كريبتو عالمية خلال السنوات الأخيرة، باتت الجهات التنظيمية في عدة دول، لا سيما في آسيا، تتبنى نهجاً أكثر تشدداً لضبط الأسواق، وفرض معايير صارمة تتعلق بمكافحة غسل الأموال وحماية المستثمرين. وقد نجحت عدد من الدول في توفير إطار تنظيمي قوي.
هذه المستجدات دفعت عدداً متزايداً من الشركات العاملة في مجال الكريبتو إلى إعادة التموضع خارج الدول التي شدّدت قواعدها، والبحث عن بيئات تنظيمية أكثر وضوحاً واستقراراً. وتبرز مدن مثل دبي وهونغ كونغ كمحطات جاذبة لهذا النزوح، لما توفره من تشريعات مرنة، وبنية تحتية مواتية، ودعم حكومي يعترف بأهمية قطاع الأصول الرقمية في النظام المالي العالمي الجديد. ومن المتوقع أن تستمر هذه التحولات في رسم ملامح خريطة الكريبتو الدولية خلال السنوات المقبلة، في ظل سباق محتدم بين العواصم المالية لتحديد من يقود مستقبل الاقتصاد الرقمي.
سنغافورة تفاجئ الصناعة
وقد فاجأت سلطة النقد في سنغافورة صناعة العملات المشفرة في شهر مايو، عندما أعلنت أن البورصات التي تخدم العملاء الأجانب فقط (aركات العملات المشفرة التي تتخذ من سنغافورة مقرًا لها وتقدم خدماتها في الخارج ) سوف تضطر إلى الإغلاق بحلول 30 يونيو، ما لم تحصل على ترخيص "يصعب الحصول عليه" بحسب صحيفة فايننشال تايمز البريطانية، والتي تشير في تقرير لها إلى أن مراقبي السوق يرون أن الإطار الزمني القصير للتسجيل هو "وسيلة الهيئة التنظيمية المالية لإخراج اللاعبين غير المرغوب فيهم".
ووفق التقرير، فمن المتوقع أن تكون هونغ كونغ ودبي المستفيدين الرئيسيين من الحملة التي تشنها سنغافورة على بورصات العملات المشفرة، حيث يضطر اللاعبون غير المرخص لهم إلى إغلاق عملياتهم أو نقلها بحلول نهاية الشهر الجاري.
ولطالما روجت سنغافورة لاستقرارها كمركز مالي عالمي، لكن الانهيارات البارزة للعديد من شركات العملات المشفرة قبل ثلاث سنوات شوهت سمعتها.
وقد أفادت بلومبيرغ بأن منصتي Bitget وBybit، وهما من أكبر منصات تداول العملات المشفرة العالمية التي تعمل في سنغافورة، تخططان بالفعل للاستجابة لقواعد سلطة النقد السنغافورية الجديدة بنقل موظفيهما إلى هونغ كونغ ودبي.
بينما من غير المتوقع أن تؤثر الخطوة الأخيرة التي اتخذتها سلطة النقد في سنغافورة على غالبية لاعبي العملات المشفرة في السوق، لكنها دفعت العديد من الشركات إلى إعادة تقييم مواقفها.
أوضحت سلطة النقد في سنغافورة سبب تأثير القواعد الجديدة على بورصات العملات المشفرة التي تخدم العملاء خارج سنغافورة فقط، قائلة إنها كانت أكثر صعوبة في الإشراف عليها.
وقالت الهيئة التنظيمية: "إن مخاطر غسل الأموال أعلى في مثل هذه نماذج الأعمال، وإذا كان نشاطهم المنظم الأساسي خارج سنغافورة، فإن هيئة النقد في سنغافورة غير قادرة على الإشراف بشكل فعال على هؤلاء الأشخاص". وأضافت أن القيود المفروضة على منح التراخيص لمثل هذه الشركات مرتفعة للغاية وأن النهج العام للجهة التنظيمية هو عدم إصدارها.
تغير موازين سوق الكريبتو
من جانبه، يلفت خبير أسواق المال، محمد سعيد، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" من القاهرة، إلى أن"الحملة الأخيرة التي شنتها سنغافورة تقلب موازين سوق الكريبتو في آسيا بشكل ملحوظ، ذلك أن البنك المركزي السنغافوري شدّد القواعد بشكل غير مسبوق، وأصدر تعليمات نهائية تلزم جميع الشركات التي تقدم خدمات تداول أو محافظ أو أي أنشطة مرتبطة بالكريبتو من داخل سنغافورة إلى مستخدمين خارجها، بالحصول على ترخيص بحلول نهاية يونيو، أو التوقف الفوري عن العمليات.
كما أن العقوبات في غاية الشدة؛ إذ تشمل غرامات تصل إلى 200 ألف دولار أميركي، وسجن قد يصل إلى ثلاث سنوات، دون فترات سماح أو استثناءات، حتى للشركات الصغيرة أو التي لديها عدد محدود من العملاء في الخارج.
ويوضح سعيد أن الهدف ، هو إغلاق الثغرات التي كانت تسمح لبعض شركات الكريبتو باستغلال سمعة سنغافورة كمركز مالي منظم، لتقديم خدماتها لأسواق خارجية دون رقابة فعلية، لافتاً إلى أن البنك المركزي أوضح أن منح الترخيص سيكون في أضيق الحدود، ولن يُعطى إلا للشركات التي تمتلك التزاماً صارماً بمعايير مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، بالإضافة إلى بنية امتثال قوية.
ويضيف سعيد: "هذا معناه أن العديد من الشركات ستكون مضطرة إما إلى الإغلاق أو نقل عملياتها إلى مناطق أخرى.. وقد بدأنا بالفعل نرى نتائج مباشرة لهذه الإجراءات، حيث بدأت بورصات كبرى مثل Bitget وBybit بنقل مقراتها وفرق العمل إلى دبي وهونغ كونغ.. هاتان الوجهتان أصبحتا الخيار المفضل الآن، بفضل بيئة تنظيمية أوضح، ودعم حكومي واضح لقطاع الأصول الرقمية (..)، لا سيما في دبي بفضل قوانينها المشجعة على الابتكار الضريبي وبنيتها التحتية الاستثمارية المتطورة".
ويرى خبير أسواق المال أن هذه الخطوة ستؤدي إلى تقليص دور سنغافورة كمركز إقليمي للكريبتو، مع انتقال السيولة تدريجياً إلى مراكز جديدة مثل دبي وهونغ كونغ، التي تسعى للاستفادة من هذا التغير واستقطاب الشركات الباحثة عن بيئة تنظيمية مستقرة وواضحة، مردفاً: "نحن أمام عملية إعادة توزيع جغرافي لنشاط الكريبتو في آسيا والشرق الأوسط".
وعلى الرغم من أن التشدد السنغافوري قد يرفع من مستوى الثقة في القطاع على المدى الطويل من خلال مواجهة عمليات غسل الأموال والأنشطة المشبوهة، إلا أنه، في المقابل، قد يبطئ من وتيرة الابتكار، ويُفقد سنغافورة جاذبيتها بالنسبة للشركات الناشئة في هذا المجال، وفي سعيد.
ويختتم حديثه قائلاً: نحن اليوم نشهد مرحلة إعادة تموضع حقيقية في السوق، وكل شركة تعيد تقييم موقعها: هل تلتزم بالمعايير الجديدة وتتحمل تكاليف الانتفال المرتفعة؟ أم تبحث عن بيئة أكثر مرونه وأقل تعقيداً تنظيمياً؟
أزمات محلية
وتُعدّ سنغافورة من أبرز مراكز العملات المشفرة في آسيا، ومقراً إقليمياً لكبرى الشركات العالمية مثل Coinbase وCrypto.com، إلا أنها لا تزال تعاني من تداعيات سلسلة من الأزمات المحلية التي شهدتها خلال فترة الركود الأخيرة في هذا القطاع عام 2022، وفق بلومبيرغ.
وتُحذّر شركات الأصول الرقمية الأخرى في البلاد من احتمال فقدان مئات الوظائف. وتُعدّ البورصات الخارجية الأكثر تضررًا من الموعد النهائي الذي حددته هيئة النقد السنغافورية.
ونقل التقرير عن مؤسس ورئيس قسم تكنولوجيا المعلومات في شركة ديفاينس كابيتال، آرثر تشيونغ، قوله إنّ هذه الشركات لديها "عدد كبير" - يُقدّر بالمئات - من الموظفين المقيمين في سنغافورة.
وقال المستشار العام في شركة تشينآرغوس، باتريك تان: "الأمر خطير للغاية. هذا يُشبه عملية إخلاء تقريبًا". بينما قال متحدث باسم هيئة النقد في سنغافورة ردا على أسئلة من بلومبرغ نيوز: "لا ينبغي أن تكون هذه الخطوة مفاجئة للصناعة لأننا أبلغنا باستمرار بموقفنا بشأن مقدمي هذه الخدمة في مناسبات مختلفة"، مضيفًا أن الكيانات المرخصة لا تتأثر باللوائح الجديدة.
إطار تشريعي
يقول رئيس قسم الأسواق العالمية في Cedra Markets جو يرق، لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" إن الخطوة التي اتخذتها سنغافورة في مجال تنظيم العملات المشفرة، حتى غير المرخّصة منها، تؤكد على أن هذا القطاع بات يحتاج إلى إطار تشريعي واضح وشامل، لافتاً إلى أن وجود تنظيم قانوني متكامل ضروري لحماية المستثمرين وتوجيه القطاع نحو مسار مستدام.
ويضيف:
- لقد شهدنا في الآونة الأخيرة جهودًا تنظيمية كبيرة، سواء في الولايات المتحدة أو في مناطق أخرى، وهذا يفتح الباب أمام مراكز مالية مثل هونغ كونغ ودبي لتأخذ زمام المبادرة.
- دبي على وجه الخصوص كانت سبّاقة في إصدار تشريعات صديقة للعملات المشفرة، ما يجعلها وجهة مفضلة للمستثمرين الذين قد يغادرون سنغافورة بحثاً عن بيئة تنظيمية أكثر وضوحاً ومرونة.
- إذا ما استطاعت سنغافورة تطوير إطار تنظيمي شفاف وعادل، فمن المتوقع أن تجذب المؤسسات الاستثمارية والمستثمرين ذوي الطابع القانوني الذين يفضّلون الوضوح والحوكمة.
- مع مرور الوقت، سنشهد تحوّل قطاع العملات المشفرة إلى جزء أساسي من النظام المالي العالمي البديل، يرتكز على الشفافية والتنظيم."
0 تعليق