ليبيا – الفنيش: الفساد في ليبيا منظومة متكاملة تخنق فرص الإصلاح وتُجهض التنمية

فساد ممنهج لا تجاوزات فردية
قال الباحث السياسي وعضو الأمانة العامة لحزب “ليبيا النماء”، حسام الفنيش، إن التقارير الدولية الأخيرة بشأن تفشي الفساد في ليبيا وتأثيره على الموارد العامة والاقتصاد الوطني كشفت عن حقائق صادمة تعكس عمق الأزمة البنيوية التي تمر بها الدولة.

الفنيش أوضح في تصريح لموقع “إرم نيوز” أن ما تواجهه ليبيا ليس مجرد تجاوزات فردية أو خلل إداري محدود، بل منظومة فساد متكاملة تُعيد إنتاج نفسها وتُحكم قبضتها على مفاصل القرار والثروة، مما يُجهض أي فرصة حقيقية للإصلاح أو النهوض.

الفساد يرتبط بالبنية السياسية القائمة
واعتبر الفنيش أن الفساد في ليبيا لا يمكن فصله عن السياق السياسي العام، مؤكداً أنه لا يُعد مجرد نتيجة لتعدد الحكومات وتضارب الاختصاصات، بل أحد المحركات الأساسية التي تُبقي هذا الوضع قائمًا.

وأشار إلى أن الفساد في ليبيا تحوّل إلى شبكة مصالح واسعة، عابرة للمؤسسات والولاءات، وتنتعش في ظل غياب المساءلة، حتى أصبحت ثقافة مقبولة في الوعي العام.

مواجهة الفساد تتطلب قطيعة شاملة
وأكد الفنيش أن مواجهة الفساد لا يمكن أن تتم بالقوانين وحدها، بل تتطلب قطيعة شاملة مع العقلية التي أنتجته ورعته، مشيرًا إلى أن “حين تتحول الرشوة إلى عادة، والواسطة إلى ضرورة، والمال العام إلى غنيمة، نكون أمام خلل لا تعالجه الإجراءات الإدارية فقط”.

جهود النيابة العامة غير كافية دون إرادة سياسية
وعلّق الفنيش على خطوات مكتب النائب العام الأخيرة في فتح ملفات فساد وإحالة مسؤولين إلى القضاء، معتبرًا أن هذه الجهود رغم أهميتها ستظل محدودة التأثير ما لم تتحول إلى سياسة وطنية شاملة تحظى بدعم سياسي وشعبي حقيقي.

دعوة لإعادة صياغة العلاقة بين المواطن والدولة
وشدد الفنيش على أن مكافحة الفساد تتطلب إرادة لا تخشى الاصطدام بشبكات النفوذ، وتحتاج إلى مؤسسات رقابية موحدة وفاعلة، وتشريعات تُطبق على الجميع دون استثناء، بالإضافة إلى وعي عام لا يتسامح مع الفساد ولا يبرره.

واختتم الفنيش حديثه بالقول إن “الاستمرار في تجاهل عمق هذه الظاهرة هو بمثابة انتحار بطيء للدولة، فلا اقتصاد سيتعافى، ولا استثمار سيُبنى، ولا ثقة ستُستعاد في بيئة تحكمها اللامحاسبة ويهيمن عليها الإفلات من العقاب”.