نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
كارثة مؤنسة النقطة الفاصلة.. بعد مصرع 18 فتاة وسائق.. أشهر الحوادث على الطريق الإقليمي تكشف خريطة الموت الصامت - كورة نيوز, اليوم السبت 28 يونيو 2025 11:00 صباحاً
بينما كانت قرية مؤنسة بمحافظة المنوفية تلملم جراحها بعد الكارثة الإنسانية التي أودت بحياة 18 فتاة وسائق ميكروباص في حادث مروع على الطريق الإقليمي، عادت الذاكرة إلى سجل طويل من الحوادث الدامية التي وقعت على نفس الطريق، أو ما أصبح يُعرف بـ"طريق الموت".
الطريق الإقليمي مشروع طموح بواقع قاتم
الحادث الأخير لم يكن الأول، ولن يكون الأخير إن لم يتم اتخاذ إجراءات عاجلة وفعالة لحماية أرواح المارة والمسافرين، فمنذ افتتاح الطريق قبل أعوام قليلة، تحوّل من شريان تنموي واعد إلى واحد من أخطر الطرق في البلاد، بسبب خلل واضح في التخطيط، وغياب الرقابة، وسوء تنظيم حركة المرور.


يمتد الطريق الدائري الإقليمي لمسافة تتجاوز 400 كيلومتر، يربط بين عدة محافظات رئيسية، منها القاهرة، الجيزة، القليوبية، الشرقية، المنوفية، الفيوم وبني سويف. وكان الهدف الأساسي منه تخفيف الضغط عن الطرق الداخلية والدائري القديم، وفكّ الزحام عن القاهرة الكبرى، لكن هذا الطريق، الذي تكلفت مراحل إنشائه مليارات الجنيهات، يعاني من نقص الإنارة في كثير من قطاعاته، وغياب فواصل الطرق، وعدم وضوح علامات المرور، فضلًا عن ضعف الرقابة المرورية، خاصة في ساعات الفجر والمساء.

كارثة مؤنسة: النقطة الفاصلة
في 27 يونيو 2025، اصطدمت شاحنة نقل ثقيل بمركبة ميكروباص كانت تقلّ 18 فتاة من قرية كفر السنابسة في طريقهن إلى العمل في مزارع العنب. الحادث وقع على الطريق الإقليمي بالقرب من مدخل قرية مؤنسة، وأسفر عن وفاة جميع الفتيات، إلى جانب السائق.
تحقيقات أولية حول حادث مؤنسة بالمنوفية، الذي أدى إلى مصرع 18 فتاة وسائق الميكروباص، كشفت أن سائق الشاحنة كان مرهقًا، وأن المركبة كانت تسير بسرعة كبيرة دون التزام بمسارها، فيما لم تتوفر أي إشارات ضوئية أو لافتات تحذيرية على الطريق.

سجل الحوادث الكبرى على الطريق الإقليمي
1. حادث "الصف" 2022: 20 قتيلاً في اصطدام مروع
في مارس 2022، اصطدمت سيارة ميكروباص بشاحنة نقل ثقيل قرب مركز الصف بالجيزة، ما أدى إلى وفاة 20 شخصًا وإصابة 7 آخرين، التحقيقات أشارت إلى سير الشاحنة عكس الاتجاه في غياب أي دورية مرورية في المنطقة.
حادث "السلام" 2021: شاحنة تسحق سيارة ملاكي
في منطقة السلام، وقع حادث مروّع في صيف 2021، حينما دهست شاحنة نقل سيارة ملاكي كانت تقلّ عائلة من أربعة أفراد، جميعهم لقوا حتفهم الحادث وثّقته كاميرا مراقبة وأثار ضجة على مواقع التواصل الاجتماعي.
حادث "بلبيس" 2020: حريق ضخم بعد تصادم 5 سيارات
في نهاية 2020، تسبب تصادم بين 5 سيارات على الطريق الإقليمي قرب بلبيس بمحافظة الشرقية في حريق هائل، أودى بحياة 7 أشخاص وتفحّمت الجثث بالكامل. السبب الرئيسي كان السرعة الزائدة، إضافة إلى غياب إشارات مرورية.
حادث "بني سويف" 2023: 9 قتلى و15 مصابًا
في فبراير 2023، شهدت محافظة بني سويف أحد أسوأ حوادث الطريق الإقليمي، حيث اصطدمت حافلة نقل ركاب بسيارة نقل مواد بناء، ما أدى إلى وفاة 9 ركاب وإصابة 15 آخرين، بعضهم بإصابات بليغة. التقرير الفني أوضح أن الحافلة لم تتمكن من التوقف بسبب خلل في المكابح.
القواسم المشتركة بين الحوادث
رغم تنوع المواقع والظروف، إلا أن هناك خيوطًا مشتركة بين أغلب الحوادث على الطريق الإقليمي:
غياب الرقابة: لا توجد نقاط ثابتة للشرطة أو وحدات إسعاف في معظم قطاعات الطريق.
انعدام الإنارة: غالبية الحوادث تقع في ساعات الفجر أو الليل، حيث الظلام شبه تام.
سير الشاحنات في أوقات ممنوعة: رغم وجود قرار بمنع سير الشاحنات الثقيلة على الطريق في ساعات معينة، إلا أن هذا القرار لا يُنفذ بصرامة.
تهالك المركبات: عدد من المركبات المستخدمة في النقل، خاصة الميكروباصات، لا تخضع لصيانة دورية أو فحص فني.
غياب فواصل أو حواجز آمنة: ما يؤدي إلى انحراف المركبات إلى الاتجاه المقابل.
لماذا يستمر الطريق في حصد الأرواح؟
الطريق الإقليمي لا يعاني من عيب واحد فقط، بل من سلسلة متشابكة من الأخطاء تبدأ من مرحلة التصميم وحتى التشغيل. لا يوجد نظام مراقبة بالكاميرات على مدار الساعة، كما أن عمليات الصيانة الدورية تكاد تكون منعدمة، كذلك، فإن غياب وحدة مرور متخصصة للطريق – مثل ما يحدث في الطريق الصحراوي أو السويس – يترك المجال واسعًا للتجاوزات، خصوصًا من سائقي النقل الثقيل الذين يقودون لساعات طويلة دون راحة.
ردود الفعل المجتمعية
في أعقاب الحادث الأخير، شهدت مواقع التواصل الاجتماعي حملة غضب واسعة، تحت وسم #طريق_الموت و#ضحايا_الإقليمي. ناشطون طالبوا بتدخل رئاسي عاجل، كما تقدمت بعض منظمات المجتمع المدني بمذكرات رسمية لوزارة النقل تطالب بتحقيق شفاف في جميع حوادث الطريق خلال السنوات الخمس الأخيرة.
أرواحنا ليست ثمنًا للتنمية
إن الحوادث المتكررة على الطريق الإقليمي تكشف أن البنية التحتية وحدها لا تكفي. فالطريق، أي طريق، مهما كان اتساعه وتكلفته، يتحوّل إلى ساحة موت إذا غابت العدالة في التنظيم، وتراجعت الدولة عن مسؤوليتها في الرقابة والردع.
0 تعليق