حذر عالم الحاسوب البريطاني- الكندي جيفري هينتون، المعروف بلقب "الأب الروحي للذكاء الاصطناعي"، من أن الذكاء الاصطناعي بات ذكيًا إلى درجة قد تفقد ملايين الأشخاص وظائفهم.

هينتون، الذي يعد من أوائل مطوري الشبكات العصبية التي تقف وراء أقوى أنظمة الذكاء الاصطناعي الحالية مثل "شات جي بي تي"، أكد أن ما يحدث ليس مجرد تطور تقني، بل تحوّل جذري سيؤثر على سوق العمل بأكمله.

وفي مقابلة حديثة عبر بودكاست "يوميات المدير التنفيذي" The Diary of a CEO، أعرب هينتون عن قلقه من أن الذكاء الاصطناعي لن يكتفي بسرقة عدد محدود من الوظائف، بل سيقضي على معظمها، لا سيما تلك التي تتطلب مهارات ذهنية، مثل الكتابة والتصميم والإدارة وخدمة العملاء.

أوضح هينتون أن الذكاء الاصطناعي أصبح متفوقًا في المهام الفكرية، كإرسال الرسائل الإلكترونية، وتلخيص المستندات، والرد على استفسارات العملاء، وساق مثالاً على ذلك بأن ابنة شقيقته كانت تقضي نحو 25 دقيقة في كتابة ردود على شكاوى العملاء، أما اليوم فتستخدم روبوت محادثة "شات بوت" لإتمام المهمة في خمس دقائق فقط، ثم تقوم بمراجعتها.

وأضاف: "هذا يعني أنها تستطيع إنجاز عمل خمسة أشخاص"، مشيرًا إلى أن الشركات لن تحتاج إلى عدد كبير من الموظفين لهذه المهام مستقبلًا.

وأكد أن هذا التغيير يحدث بالفعل في العديد من القطاعات، لافتًا إلى أن بعض الوظائف قد تتحسن بفضل الذكاء الاصطناعي، بينما ستختفي أخرى تمامًا.

يعتقد هينتون أن الثورة المرتبطة بالذكاء الاصطناعي أخطر من التطورات التكنولوجية السابقة مثل أجهزة الصراف الآلي أو الحواسيب، فالأمر لا يقتصر على استبدال العمل اليدوي أو المهام الروتينية، بل يشمل استخدام العقل والتفكير.

ويخشى أن تشمل الوظائف المعرضة للخطر الأعمال الإدارية والمكتبية، والمهام القانونية والبحثية، والصحافة الأساسية، وكتابة المحتوى، وخدمة العملاء، وحتى بعض التخصصات في مجالي الرعاية الصحية والتعليم.

من جهة أخرى، أشار هينتون إلى أن بعض المهن ستظل في مأمن نسبي من التهديدات التي يفرضها الذكاء الاصطناعي، وعلى رأسها الحرف اليدوية مثل السباكة والكهرباء وأعمال الصيانة، إلى جانب وظائف الرعاية الصحية المباشرة مثل التمريض والعلاج الطبيعي، كما يرى أن الذكاء الاصطناعي سيواجه صعوبة في أداء المهام التي تعتمد على المشاعر أو الإبداع الإنساني.

ويؤمن هينتون بأننا مقبلون على زمن يصبح فيه "امتلاك عقل قوي" سهلاً للاستبدال كما حدث مع "امتلاك عضلات قوية" خلال الثورة الصناعية.

واختتم تحذيراته بالتعبير عن مخاوفه من اقتراب ظهور ذكاء اصطناعي فائق يتفوق على البشر في كل شيء، وقال إنه قد لا تمر عشرون سنة حتى نصل إلى مرحلة يتفوق فيها الذكاء الاصطناعي على الإنسان في معظم المجالات، وحتى إن ظننا أننا نتحكم فيه، فقد لا يكون البشر هم المسيطرون في ذلك المستقبل.