عزيزي الزائر أهلا وسهلا بك في - كورة نيوز نقدم لكم اليوم دير الأنبا أنطونيوس.. مهد الرهبنة وأقدم دير فى العالم - كورة نيوز
في قلب الصحراء الشرقية المصرية، عند سفوح جبل القلزم في منطقة بئر العبد شرق مدينة الزعفرانة بمحافظة البحر الأحمر، ينهض دير الأنبا أنطونيوس شامخًا منذ أكثر من 17 قرنًا، بوصفه أول دير مسيحي في العالم، ومهد الرهبنة التى انطلقت من مصر إلى أرجاء المعمورة، ليصبح شاهدًا خالدًا على عمق الإيمان، وبساطة الزهد، وعظمة التراث الروحي المسيحي المصرى.
نشأة الدير: إرث أنطونيوس الكبير
يرتبط الدير باسم القديس الأنبا أنطونيوس الكبير (251 – 356م)، الذي يُلقب بـ"أب الرهبان"، والذى ترك ثروة والديه واتجه إلى عمق الصحراء بحثًا عن حياة التأمل والزهد، وفقًا لما جاء في سيرة حياته التي كتبها القديس أثناسيوس الرسولي.
وعقب رحيل القديس أنطونيوس، تكوّن حول مغارته جماعة من تلاميذه ومحبّيه الذين عاشوا على خطاه في العزلة والتقشف، فظهرت أول ملامح الحياة الديرية المنظمة، ما يجعل دير الأنبا أنطونيوس أول دير فى التاريخ المسيحى، ومهد النظام الرهبانى فى العالم.
الموقع والجغرافيا
يقع الدير على بعد نحو 250 كم جنوب شرق القاهرة، في واحة صحراوية خلابة، تحيط به الجبال من كل جانب، ويقع أسفل جبل الأنبا أنطونيوس، حيث ما تزال المغارة التي عاش فيها القديس أنطونيوس محفوظة حتى الآن على ارتفاع 1000 متر تقريبًا، ويقصدها الزائرون سيرًا على الأقدام في رحلة روحية شاقة ومؤثرة.
معمار الدير وكنوزه
يتكون الدير من مجموعة من المباني الأثرية والدينية الفريدة، من أبرزها:
• كنيسة الأنبا أنطونيوس: وهي الكنيسة الرئيسية، وتضم جسد القديس.
• الكنائس القديمة: التي تعود إلى القرون الأولى، وتحوي جداريات قبطية بيزنطية نادرة.
• مغارة القديس: وتقع على الجبل خلف الدير، وتعد مزارًا رئيسيًا.
• الأسوار الدفاعية: التي شيّدت في عصور لاحقة لحماية الرهبان من غارات البدو.
• مكتبة ومتحف الدير: ويضمان مخطوطات وكتبًا نادرة باللغات القبطية واليونانية والعربية، من بينها كتابات الآباء، ومخطوطات ليتورجية نادرة.
الحياة الرهبانية المستمرة
يعيش في الدير اليوم عشرات الرهبان الذين يتبعون نظامًا صارمًا من الصلاة والتأمل والعمل اليدوي، وفق التقليد الأصيل الذى أرسته الرهبنة القبطية منذ القرن الرابع. ويُعد الدير حتى يومنا هذا مدرسة حية للرهبنة، ويستقبل زوارًا من كل أنحاء العالم من الراغبين في اختبار سكينة الصحراء وعمق الحياة الروحية.
أهمية دينية وعالمية
يحظى دير الأنبا أنطونيوس بمكانة عالمية بين الأديرة، كونه البداية الفعلية لحياة الرهبنة المسيحية التي انطلقت من مصر إلى كل من فلسطين وسوريا ثم أوروبا عبر القديسين الذين اقتبسوا من رهبنة الأنبا أنطونيوس، مثل القديس باخوميوس والقديس بنديكت.
وقد زار الدير على مر العصور العديد من الرحّالة والمستشرقين، ومن بينهم البابا شنودة الثالث والبابا تواضروس الثاني، اللذان حرصا على الاعتكاف فيه.
الحماية والتجديد
شهد الدير عمليات ترميم كبرى خلال العقود الماضية، من خلال تعاون بين الكنيسة القبطية الأرثوذكسية ووزارة السياحة والآثار المصرية، ما أسهم في الحفاظ على طابعه الأثري، وفتح أبوابه بشكل منظّم أمام الزوار، مع مراعاة قدسية المكان وهدوئه.
0 تعليق