
وسط احتدام المواجهة العسكرية بين إيران وإسرائيل، توعد مسؤولون إسرائيليون كبار هذا الأسبوع بأن حملتهم العسكرية ضد إيران قد تُفضي إلى سقوط النظام، وهو حدث ستكون له تداعيات هائلة على سوق النفط العالمية.
استجاب سوق النفط بضبط ملحوظ للنفس، حيث قصفت إسرائيل ثالث أكبر مُنتج للنفط الخام في أوبك لثمانية أيامٍ متتالية، دون أي إشارةٍ واضحةٍ على انتهاء الصراع قريبا.
منذ أن شنّت إسرائيل هجومها على إيران قبل أسبوع، ارتفعت أسعار النفط بنحو 10% ولكن مع بقاء إمدادات النفط دون أيِّ اضطرابٍ حتى الآن، لا يزال كلٌّ من النفط الخام الأمريكي وخام برنت القياسي العالمي دون 80 دولاراً للبرميل.
ارتفاع كبير في أسعار النفط
مع ذلك، يتزايد خطر انقطاع الإمدادات الذي يُؤدي إلى ارتفاع كبير في الأسعار مع استمرار الصراع، وفقاً لمحللي الطاقة، وفق تقرير لشبكة CNBC.
هدد الرئيس دونالد ترامب حياة المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، ويدرس مساعدة إسرائيل في تدمير البرنامج النووي للجمهورية الإسلامية.
كذلك من المرجح أن تستهدف القيادة الإيرانية منشآت النفط الإقليمية إذا شعرت أن وجودها نفسه في خطر، وفقاً للمحللين.
إضعاف البرنامج النووي الإيراني
في هذا الإطار، صرح سكوت موديل، الرئيس التنفيذي لشركة رابيدان إنرجي غروب الاستشارية، بأن الهدف الرئيسي لإسرائيل هو إضعاف البرنامج النووي الإيراني. لكن يبدو أن لدى إسرائيل أيضاً هدفاً ثانوياً يتمثل في الإضرار بالمؤسسة الأمنية الإيرانية لدرجة أن المعارضة الداخلية في البلاد يمكن أن تثور ضد النظام، كما قال موديل.
وقال موديل، الضابط السابق في وكالة المخابرات المركزية الأمريكية والخبير في الشؤون الإيرانية الذي خدم في الشرق الأوسط: “إنهم لا يسمون ذلك تغييرا للنظام من الخارج، بل يسمونه تغييرا للنظام من الداخل”.
حتى الآن ينفي رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أن يكون تغيير النظام هو الهدف الرسمي لإسرائيل، وصرح لهيئة الإذاعة العامة يوم الخميس بأن الحكم المحلي قرار إيراني داخلي، إلا أن رئيس الوزراء أقر بإمكانية سقوط نظام خامنئي نتيجة للصراع.
أمر وزير الدفاع إسرائيل كاتس يوم الجمعة الجيش الإسرائيلي بتكثيف ضرباته على إيران بهدف زعزعة استقرار النظام من خلال مهاجمة أسس قوته.
وأفادت التقارير أن إسرائيل سعت لاغتيال خامنئي في الأيام الأولى من حملتها، لكن ترامب استخدم حق النقض “الفيتو” ضد الخطة.
وأكد موديل أنه لا توجد أي مؤشرات على أن النظام في إيران على وشك الانهيار.
لكن ناتاشا كانيفا، رئيسة أبحاث السلع العالمية في جيه بي مورجان، قالت في مذكرة للعملاء هذا الأسبوع إن المزيد من زعزعة الاستقرار السياسي في إيران “قد يؤدي إلى ارتفاع كبير في أسعار النفط على مدى فترات طويلة”.
ووفقا لجيه بي مورجان، سجلت ثماني حالات لتغيير النظام في الدول الرئيسية المنتجة للنفط منذ عام 1979.
وارتفعت أسعار النفط بنسبة 76% في المتوسط عند ذروتها في أعقاب هذه التغييرات، قبل أن تتراجع لتستقر عند سعر أعلى بنحو 30% مقارنةً بمستويات ما قبل الأزمة.
على سبيل المثال، تضاعفت أسعار النفط ثلاث مرات تقريبا بين منتصف عام 1979 ومنتصف عام 1980 بعد أن أطاحت الثورة الإيرانية بالشاه وجلبت الجمهورية الإسلامية إلى السلطة، بحسب بنك جيه بي مورجان، وقد أدى ذلك إلى ركود اقتصادي عالمي.
في الآونة الأخيرة، أدت الثورة الليبية التي أطاحت بمعمر القذافي إلى ارتفاع حاد في أسعار النفط من 93 دولاراً للبرميل في يناير 2011 إلى 130 دولاراً للبرميل بحلول أبريل من ذلك العام، وفقاً لبنك جي بي مورجان، وتزامن هذا الارتفاع الحاد في الأسعار مع أزمة الديون الأوروبية، وكاد أن يُسبب ركودا عالميا، بحسب تحليل البنك.
تغيير النظام في إيران
قال موديل إن تغيير النظام في إيران سيكون له تأثير أكبر بكثير على سوق النفط العالمية من ثورة 2011 في ليبيا، لأن إيران أكبر منتج للنفط في العالم.
وأضاف موديل: “سنحتاج إلى رؤية مؤشرات قوية على أن الدولة على وشك التوقف، وأن تغيير النظام بدأ يبدو حقيقيا قبل أن يبدأ السوق فعليا في تسعير أكثر من ثلاثة ملايين برميل يوميا من النفط الخام”.
مؤسس رابيدان ومستشار الطاقة السابق للرئيس جورج دبليو بوش بوب ماكنالي، قال بدوره: “نعتقد أنهم قد يُعطلون حركة الملاحة عبر مضيق هرمز لفترة أطول بكثير مما يتوقعه السوق”.
الشحن قد يتوقف لأسابيع أو أشهر، على عكس توقعات سوق النفط بأن الأسطول الخامس الأمريكي، المتمركز في البحرين، سيحل الوضع في غضون ساعات أو أيام، بحسب ماكنالي. وأضاف: “لن يكون الأمر سهلا”.