الضربة القاضية لـ”خفافيش الدولار”.. إزاي البنك المركزي خلص على تجار العملة وسيطر على سوق الصرف؟

الضربة القاضية لـ”خفافيش الدولار”.. إزاي البنك المركزي خلص على تجار العملة وسيطر على سوق الصرف؟
سعر الدولار

يا ترى إيه اللي حصل في سوق الصرف في مصر؟ إزاي الدولار اللي كان طاير في السما ومعدي السبعين جنيه في السوق السوداء فجأة نزل  وبقى fيتداول في الخمسين جنيه في البنوك؟ هل دي نهاية أزمة العملة اللي خنقت المصريين شهور طويلة؟ ومين هو “المايسترو” اللي كان ورا الخطة المحكمة دي كلها؟

فاكرين من كام شهر بس.. فاكرين القلق والخوف اللي كان مسيطر على كل بيت في مصر.. كل واحد فينا كان شايل هم بكرة.. هم الأسعار اللي كل يوم بتزيد.. هم الدولار اللي كل يوم بيوحش أكتر وأكتر. السوق السودا كانت هي اللي بتحكم، هي اللي بتحدد سعر كل حاجة في البلد، من أول إبرة الخياطة لحد العربيات والأجهزة الكهربائية.

كان وضع أشبه بحالة حرب.. حرب على الجنيه المصري.. حرب على اقتصاد بلد بحجم مصر. المضاربين وتجار العملة كانوا بيلعبوا بالاقتصاد لعب، بيخبوا الدولار ويعطشوا السوق عشان سعره يولع أكتر ويكسبوا ملايين على حساب قوت الناس.

لحد ما جا الوقت اللي قال فيه البنك المركزي المصري: “كفاية لحد كده!”.. البنك المركزي، بقيادة المحافظ حسن عبدالله، محطش مُسكنات ولا حلول مؤقتة، لأ.. ده عمل عملية جراحية دقيقة وشاملة للاقتصاد المصري، استأصل بيها ورم السوق السوداء من جذوره.

طب إزاي ده حصل؟ إيه هي التحركات اللي قلبت الموازين ورجّعت للدولة هيبتها في سوق الصرف؟

الخطة اعتمدت على كذا محور بيشتغلوا مع بعض في نفس الوقت.. زي فرقة أوركسترا كل واحد فيها بيعزف دوره بالمللي عشان في الآخر نسمع سيمفونية اقتصادية ناجحة.

وأول حاجة كانت الضربة القوية  برفع الفايدة 600 نقطة أساس.. يوم 6 مارس 2024.. صحينا كلنا على قرار تاريخي من البنك المركزي.. قرار هز السوق كله. رفع سعر الفايدة 6% مرة واحدة! طبعاً الناس وقتها اتخضت وقالت إيه ده؟ ده هيخنق الاستثمار! لكن البنك المركزي كان بيفكر في حاجة تانية خالص.

القرار ده كان عامل زي المغناطيس الجبار اللي بيشفط الفلوس السخنة من السوق. المركزي قال للمستثمر، سواء المصري أو الأجنبي: “بدل ما أنت حاطط فلوسك في دولار خايف عليه، أو بتضارب في السوق السودا، تعالى حط فلوسك عندي في شهادات استثمار بعائد هو الأعلى في سنين، عائد مضمون من الدولة”.

وبالفعل، القرار ده سحب سيولة ضخمة جداً من الجنيه المصري كانت بتجري ورا الدولار، ووجهها للبنوك. وبكده، أول سلاح من أسلحة المضاربين اتكسر.. سلاح “الطلب الوهمي”.

في نفس اليوم..  المركزي خد القرار الأجرأ والأهم.. تحرير سعر الصرف بشكل كامل. يعني إيه؟ يعني ساب الجنيه المصري يتحدد سعره قصاد الدولار بناءً على العرض والطلب الحقيقي في البنوك. مفيش سعرين، مفيش سوق سودا وسوق رسمية. هو سعر واحد بس، شاشته منورة في كل بنوك مصر.

الخطوة دي، ورغم إنها خلت سعر الدولار الرسمي يقفز في الأول، إلا إنها كانت بمثابة إعلان وفاة للسوق الموازية. ليه تاجر العملة هيشتري منك دولار بسعر أعلى، وهو يقدر يجيبه من البنك بالسعر الرسمي المعلن؟ وليه المستورد هيلجأ للسوق السودا، وهو يقدر يدبر احتياجاته الدولارية من القطاع المصرفي بشكل شرعي وقانوني؟

القرار ده قضى على تجارة “الفجوة السعرية” اللي كانت بتغذي وحش السوق السوداء

وهنا تيجي الضربة اللي قضت تماماً على أي أمل لعودة السوق السوداء.. صفقة “رأس الحكمة”. فجأة وبدون مقدمات، دخل لخزينة الدولة 35 مليار دولار كاستثمارات مباشرة.

الصفقة دي معملتش بس مجرد إنعاش للاحتياطي النقدي، لأ.. دي بعتت رسالة قوية جداً لكل اللي في السوق: “مصر معاها دولار.. ومحدش هيقدر يلوي دراعها تاني”.

التدفقات الدولارية الضخمة دي عطت للبنك المركزي المصري القوة والثقة إنه يقدر يلبي أي طلب على الدولار في السوق. مبقاش فيه حاجة اسمها “نقص عملة”. اللي عايز دولار عشان يستورد، عشان يسافر، عشان يعلم ولاده بره.. البنك بقى قادر يوفره.

في خلال أسابيع قليلة، شوفنا اللي محدش كان يصدقه…تجار السوق السوداء اللي كانوا معلمين على السوق، بقوا بيجروا على البنوك عشان يتنازلوا عن الدولارات اللي مخزنينها خوفاً من إن سعره يقع أكتر وأكتر. حيازات الدولار اللي كانت بتتكتنز في البيوت والشركات،..رجعت تاني لشرايين الجهاز المصرفي.